ماهو إلا أوهام
ماهو إلا أوهام
في يوم ما مشيت متبختر بما لديّ من مالٍ، والتقيتُ بفقيرٍ رثّ الثيابِ، يلعقُ الأرضَ لعقاً، تقدمتُ نحوه ومددتُ قدمي له : هيا يا فقير نَظِّف حذائي هذا بلسانك القذر، ثم ركلته في صدره وبدأ عمله دون أن ينبث ببث شفة، وفجأة مرّ أمامي طفل بهي قال لي : يا فقير، كن شريفاً. ضحكتُ ساخراً من كلامه: ماذا قلت؟ ألا ترى الفقير هنا، فأجابني: بلى، ولكن تذكر أن الغنيَّ هو اللهُ وحده، كل أموالك لا تساوي ابتسامة فقير، ولو أنفقتها كلها، فالذي أعطاك المال قادر على أخذه منك، وكما أعطاك الله أنت الغنى أعطى الفقير الفقر ليرى من يشكره فماذا أنت صانع إذا انقلب الحال ودارت الدنيا؟! ثم انصرف ومضى في طريقه، فقال لي الفقير : أنا لستُ فقيراً، أنا من أغنى التجار في هذه المنطقة ولستُ فقيراً، الفقير هو فقير الأخلاق، الفقير هو أنت. فصُعِقتُ وكدتُ أن أقتلَ نفسي من هَول ما رأيت، فأدركتُ أنني فقير رغم ما لدي من مال وكنوز، وأن الغنى ما هو إلا أوهام! ثم قَبّلتُ رأس الرجلِ ومضيتُ في الطريق أسكب الدموع تلو الدموع.
تعليقات
إرسال تعليق
شكراً جزيلاً